القائمة الرئيسية

الصفحات

الواقع القضائي في نظر طلبات افتتاح إجراءات الإفلاس


الواقع القضائي في نظر طلبات افتتاح إجراءات الإفلاس

سلسلة قضاء الإفلاس 1






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..

إن فهم الواقع القضائي لإجراءات الإفلاس معينٌ في بناء التصور لنظام الإفلاس ، وبما أن الأحكام تمثل الجانب التطبيقي للنظام حيث إن النظام في جملته هو عبارة عن إجراءات ولا يمكن تصور هذه الإجراءات بالنظر إلى النصوص فقط. فقررت كتابة هذه السلسلة في محاولة لتسليط الضوء على أهم المسائل والأحكام القضائية بحيث أذكر المسألة ثم أورد الشاهد من تسبيب الدائرة الدال عليها مع الاختصار قدر الإمكان، لتكتمل الفائدة وتكون إضاءة في طريق السالك إلى فهم نظام الإفلاس. 

والله الموفق والمستعان.

..

الجوانب الشكلية


هل الطلب يُقدم باسم مدير الشركة ؟

الممثل النظامي للشركة المراد طلب افتتاح إجراء تصفيتها لا يملك الصفة النظامية في أن يكون هو بصفته الشخصية مقدماً للطلب ويجب أن يقيد الطلب باسم الشركة ( وبما أن من شروط قبول طلب افتتاح أحد إجراءات الإفلاس تحقق الصفة في مقدم الطلب بأن يملك الحق في تقديم طلب افتتاح الإجراء، وحيث إن هذا الطلب لم يقيد باسم المدين – الشركة – المطلوب افتتاح إجراء التصفية له وإنما تم قيد الطلب باسم مدير الشركة (الاسم المحذوف) ، كما أن (الاسم المحذوف) ليس هو الممثل النظامي للمدين الذي يطلب افتتاح إجراء التصفية لكون الشركة تحت التصفية وليس هو المصفي المعين لتصفية الشركة، وحيث تخلف شرط الصفة في مقدم طلب افتتاح الإجراء؛ فإنه يتعين القضاء بعدم قبول هذا الطلب)[1]

وفي قضية أخرى ( فسألته الدائرة عن سبب قيد الطلب باسمه مع أنه يطلب افتتاح الإجراء للشركة؟ فأجاب بأنه هو مدير الشركة، وباطلاع الدائرة على صحيفة الطلب ومرفقاتها، تبين لها أن مقدم الطلب لم يستوف ما تضمنته الفقرة (أ) من المادة الثالثة من لائحة المعلومات والوثائق كما لم يستوف من تضمنته المادة الرابعة من اللائحة نفسها .

الأسباب

 لما كان مقدم هذا الطلب يطلب افتتاح إجراء التصفية وفق نظام الإفلاس ولائحته التنفيذية، وبما أن من شروط قبول طلب افتتاح أحد إجراءات الإفلاس تحقق الصفة في مقدم الطلب بأن يملك الحق في تقديم طلب افتتاح الإجراء، وحيث إن هذا الطلب لم يقيد باسم المدين - الشركة - المطلوب افتتاح إجراء التصفية له وإنما تم قيد الطلب باسمه مدير المدين - الشركة - وحيث إنه يجب أن يقيد الطلب باسم المدين الذي يطلب افتتاح الإجراء وليس باسم ممثله النظامي؛ فإن هذا الطلب - والحالة هذه – مقدم من غير ذي صفة، ما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الطلب.)[2]

وفي قضية أخرى (لما كان مقدم الطلب يطلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي لشركة (الاسم المحذوف) المحدودة وفقا لأحكام نظام الإفلاس ولائحته التنفيذية، وبما أن نظام الإفلاس قد نص في المادة (47) منه على أنه: " تقضي – المحكمة - بأي مما يأتي: أ- افتتاح الإجراء وذلك إذا: 1- ترجح لديها إمكانية استمرار نشاط المدين ...، 3- قدم مقدم الطلب الوثائق والمعلومات ..."، وحيث إن مقدم الطلب قيد الطلب باسمه شخصيا وليس باسم الشركة المطلوب افتتاح إجراء لها، كما أنه لم يعد له صفة في الشركة - بحسب ما ذكره -؛ فإن الدائرة تقضي بعدم قبول طلب افتتاح الإجراء.)[3]

وهذا الأمر متعلقٌ بالمدين ذي الصفة الاعتبارية أما المدين ذو الصفة الطبيعية فسواء كان الطلب باسمه أو باسم مؤسسته فسيان.

...

طلب إلزام الشركاء ومدير الشركة بالتضامن في سداد ديون الشركة ليس له علاقة بنظام الإفلاس:

يلاحظ في كثير من طلبات الدائنين أنها تتضمن طلب تضمين مدير الشركة لديون الشركة من أموله الخاصة مع طلبهم افتتاح إجراء التصفية وهذا الطلب ليس من اختصاص دوائر الإفلاس في المحكمة التجارية إذ أن دائرة الإفلاس تنظر في الطلبات وفق نطاق تطبيق نظام الإفلاس ولم يتضمن نظام الإفلاس اختصاص دوائر الإفلاس بالنظر في طلبات الدائنين بتضمين مديرو الشركات المدينة في أموالهم الخاصة.

(بدعوى تضمنت: أن لموكلته مديونية على المدعى عليها قدرها (940,245) ريالاُ، إلا أنها لم تسدد هذه المديونية رغم صدور قرار من محكمة التنفيذ بإلزامها بالسداد، ويطلب إلزام الشركاء في شركة (الاسم المحذوف) العالمية ومديرها بالتضامن بسداد مديونية موكلته، وافتتاح إجراء التصفية لشركة (الاسم المحذوف) العالمية ... لما كانت المدعية قد ضمنت لائحة دعواها طلبات لا علاقة لها بنظام الإفلاس، وحيث إن الطلبات المتعلقة بنظام الإفلاس لها إجراءاتها المختلفة عن الطلبات الأخرى؛ فإنه يلزم تقديم الطلبات المتعلقة بنظام الإفلاس على استقلال ووفق النماذج المحددة لها، وحيث إن هذه الدعوى لم تراع ذلك، فإنها - والحالة هذه - غير مقبولة، ويتعين الحكم على وفق ذلك.)[4]

 ...

مدى أحقية الممارس لنشاط البيع بالتقسيط بتقديم طلب التصفية الإدارية ومدى أثر عدم وجود الترخيص النظامي لنشاط طالب التصفية:

جاء الطلب متضمناً لما نصه (بطلب تضمن: أنه يعمل في مجال شراء وبيع وتقسيط السيارات منذ عام 1433هـ بدون ترخيص، وقد كان يشتري ويبيع في معارض السيارات بالآجل، إلا أن بعض المشترين تأخروا في سداد الأقساط، مما الحق الضرر بموكله وجعله يتأخر في سداد أقساط الذين اشترى منهم هو، فقدم دائنوه مطالبات ضده منذ عام 1434هـ وأغلقت حساباته وأوقفت خدماته منذ ذلك العام 1434هـ ثم دخل السجن في24/1/1939هـ، وليس الموكله أي أصول، لذلك فهو يطلب افتتاح إجراء التصفية الإدارية.)[5]

وكان قرار المحكمة بما نصه (لما كان نظام الإفلاس قد نص في المادة (4) منه على أنه " تسري أحكام النظام على كل من: أ- الشخص ذي الصفة الطبيعية الذي يمارس أعمالاً تجارية أو مهنية أو أعمالاً تهدف إلى تحقيق الربح"، وبما أن المدين لا يمارس نشاطه المذكور في لائحته منذ أكثر من سنتين ونظام الإفلاس إنما يسري على من يمارس وقت افتتاح الإجراء أيا من الأعمال التجارية أو المهنية أو الهادفة للربح، وبما أن مما يهدف إليه نظام الإفلاس هو حماية النشاط الذي يمارسه المدين؛ فإن نظام الإفلاس - والحالة هذه – لا يسري على مقدم الطلب، ومما يؤيد ذلك هو أن لائحة المعلومات والوثائق جعلت من المتطلبات في طلب افتتاح أي من إجراءات الإفلاس تقديم نبذة عن الوضع المالي خلال الأربع والعشرين شهرا السابقة لتقديم طلب افتتاح الإجراء، والمدين الذي لا يمارس عملا تجاريا أو مهنيا أو هادفا للربح خلال الأربع والعشرين شهراً السابقة لتقديم الطلب لا يمكن أن يقدم النبذة المطلوبة، ما تنتهي معه الدائرة إلى الحكم بعدم قبول هذا الطلب. فضلاً عن أن المدين يمارس - حسب ما يدعيه - نشاط البيع بالتقسيط، وهذا النشاط يشترط لممارسته وجود ترخيص وفق ما نص عليه نظام البيع بالتقسيط (الملغي)، ما يؤكد عدم سريان نظام الإفلاس على مقدم الطلب.

منطوق الحكم

بعدم قبول طلب افتتاح إجراء التصفية الإدارية.)[6]

وفي قرار آخر للمحكمة فيما يخص عدم وجود الترخيص النظامي لنشاط مقدم طلب افتتاح إجراء التصفية جاء فيه ما نصه (لما كان مقدم الطلب يطلب افتتاح إجراء التصفية الإدارية له وفقا لأحكام نظام الإفلاس ولائحته التنفيذية، وبما أن نظام الإفلاس قد نص في المادة (4) منه على أنه: " تسري أحكام النظام على كل من: أ- الشخص ذي الصفية الطبيعية الذي يمارس أعمالاً تجارياً أو مهنياً أو أعمالاً تھدف إلى تحقيق الربح"، وبما أن المدين وإن كان شخصية طبيعية إلا أنه لما كان النشاط الذي يمارسه ونشأت دیونه عنه غير مرخص له بممارسته، فإن مقدم الطلب - والحالة هذه - يمارس نشاطا غير مرخص، وبما أن من يمارس نشاطا وهو لا يملك ترخيصاً يخوله ممارسته يعد مخالفاً للأنظمة التي تحظر ذلك، وبما أن مما يهدف إليه نظام الإفلاس حماية المدين المفلس أو المتعثر حسن النية الذي يمارس أعمالاً تجارية أو مهنية أو تهدف للربح، وبما أن من يمارس نشاطاً من غير أن يرخص له بممارسه يعد مرتكباً لمخالفة نظامية يستحق العقوبة عليها بعد الثبوت، فلا يسوغ أن يكون مشمولاً بالحماية التي يوفرها نظام الإفلاس للمدين حسن النية. ولا يغير من ذلك أن الفقرة (أ) من المادة (4) آنفة الذكر لم تقيد سريان النظام على الشخص الطبيعي بكونه مرخصاً له بممارسة النشاط، لكون الأصل أن ممارسة أي من الأعمال الواردة في الفقرة (أ) من المادة (4) من النظام يلزم له الحصول على ترخيص بموجب الأنظمة المنظمة لتلك الأعمال، وما يؤيد ذلك هو أنه ورد في تلك المادة ثلاثة أنواع من الأعمال: التجارية، والمهنية، والهادفة للربح، والأعمال المهنية - ومنها مثلا الطب والمحاماة - لا يمكن أن يمارسها شخص غير مرخص، ولو مارسها شخص غير مرخص ثم تعثر أو أفلس لما ناسب أن تشمله الحماية التي يوفرها نظام الإفلاس للمرخص له بممارسة تلك الأعمال، ما يعني أن عدم ذكر المنظم لقيد الترخيص في الفقرة (أ) المشار إليها لا يعني عدم اشتراط الترخيص للاستفادة من الحماية التي يوفرها نظام الإفلاس للمدين المرخص. كما أن غير المرخص لو طلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي لم يقبل طلبه، إذ لا يسوغ حماية نشاط المخالف وتمكينه من الاستمرار فيه، فكذلك إذا أفلس غير المرخص له بممارسة النشاط فلا ينبغي أن يتم حمايته بعد إفلاسه.)[7]

 ...

مدى تأثير التوقف عن ممارسة النشاط لمدة عامين قبل تقديم طلب التصفية الإدارية على قبول الطلب من عدمه:

التوقف عن ممارس النشاط يسبب في تعذر استيفاء المتطلبات النظامية لافتتاح الإجراء إذ نصت الفقرة "د" من المادة الخامسة من لائحة المعلومات والوثائق على أنه يجب يرافق طلب افتتاح الإجراء " ‌د.    القوائم المالية إذا كان المدين شخصًا ذا صفة اعتبارية، وذلك عن آخر (عامين) ماليين قبل تقديم الطلب. "

ونصت الفقرة "هـ" على  " ‌القوائم المالية إذا كان المدين شخصًا ذا صفة طبيعية -إن سبق إعدادها-، وذلك عن آخر (عامين) ماليين قبل تقديم الطلب." ومع توقف النشاط فلا يمكن استيفاء هذه المتطلبات بطبيعة الحال.

(ولما كان مقدم الطلب يطلب افتتاح إجراء التصفية الإدارية وفقا لأحكام نظام الإفلاس، وبما أن الثابت من أوراق القضية أن مقدم الطلب متوقف عن ممارسة الأعمال التجارية منذ أكثر من عامين، وبما أن مقدم الطلب شخص طبيعي ولما كان نظام الإفلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/5/1439هـ إنما يسري على الشخص الطبيعي الذي يمارس أعمالا تجارية، أو مهنية، أو أعمالا تهدف إلى تحقيق الربح بناء على المادة الرابعة والتي تنص على أن: " تسري أحكام النظام على كل من: أ- الشخص ذي الصفة الطبيعية الذي يمارس في المملكة أعمالا تجارية، أو مهنية، أو أعمالا تهدف إلى تحقيق الربح.." وبما أن مقدم الطلب - وفق ما قدمه في ملف القضية - غير ممارس لتلك الأعمال منذ أكثر من سنتين؛ بناء على ما قدمه في نبذة النشاط وأكدته قائمة الديون المقدمة منه والتي تفيد بتوقفه عن ممارسة الأعمال التجارية منذ سنوات وعدم حصوله على أي ترخيص بممارسة أعمال تجارة أو مهنية؛ مما تتحقق معه الدائرة إلى أن نظام الإفلاس لا يسري على مقدم الطلب؛ لكونه غير ممارس للأعمال المذكورة في المادة الرابعة من نظام الإفلاس، ويؤكد ما ذهبت إليه الدائرة أن المادة الرابعة من لائحة المعلومات والوثائق جعلت من متطلبات تقديم طلب افتتاح أي من إجراءات الإفلاس تقديم نبذة عن النشاط خلال الأربع والعشرين شهرة السابقة لتقديم طلب افتتاح الإجراء، والمدين الذي لا يمارس عملا تجاريا أو مهنياً أو عملاً هادفاً للربح خلال الأربع والعشرين شهرة السابقة لتقديم الطلب لا يمكن أن يقدم النبذة المطلوبة. كما تشير الدائرة إلى ديون المدين غير ناشئة عن ممارسة أعمال تجارية؛ ولجميع ما سبق فإن الدائرة تنتهي بناء على ذلك إلى عدم قبول طلب مقدم الطلب.)[8]

ومع ذلك فإن النظر القضائي في طلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي ربما يختلف عن غيره من الطلبات في مسألة مدى تأثير توقف المدين عن نشاطه وخصوصاً إذا تضمن طلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي ما يثبت جدية المدين في محاولة بث الروح مرة أخرى في نشاطه على أن يرفق ما يثبت إمكانية تجاوز أزمتنه وسداده لديونه وفق خطة ورؤية منطقية وقابلة للتطبيق ، وهنا سابقة قضائية توقف المدين عن ممارسة نشاطه مدة 12 سنة !! ومع ذلك قررت المحكمة افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي له. انظر أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 823.

...

في حال تضمين الشريك أو المدين بصفته الشخصية فهل يحق له طلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي وهل نظام الإفلاس يحميه؟

(كما أن السبب الرئيس لتعثره هو أنه تم تضمينه شخصيا الديون التي على شركة (الاسم المحذوف) التي يتولى إدارتها بمبلغ قدره (27,883,460) ريالا، وبما أن تضمين الشريك أو المدير ديون الشركة لا يكون إلا بناء على تعد منه أو تفريط، ومن ثم فإن نظام الإفلاس لا يمكن أن يحمي المدين الذي نشأت دیونه من مخالفته أو تجاوزه للنظام، ما تنتهي معه الدائرة إلى الحكم بعدم قبول هذا الطلب)[9]

 ...

مدى وجاهة رغبة الشريك بتصفية الشركة بسبب وجود مطالبات عليها كونها متعثرة ولا تصدر قوائم مالية:

 وهل للشريك "إن لم يكن ممثلا للشركة" صفة في تقديم طلب افتتاح إجراء التصفية للشركة ؟

(ومن حيث نصت المادة الثانية والتسعون من نظام الإفلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/5/1439 هـ على أنه: "دون الإخلال بأحكام الأنظمة ذات العلاقة، للمدين أو الدائن أو الجهة المختصة التقدم إلى المحكمة بطلب افتتاح إجراء التصفية للمدين إذا كان المدين متعثراً أو مفلساً"، ولما كان مقدم الطلب شريكا في الشركة وأنهض طلبه على سند صفته شريكاً فيها، عليه ولا كانت حصص مقدم الطلب لا تشكل بنسبتها إلى إجمالي حصص الشركة ما يُمكن أن يجسد في قناعة الدائرة رغبة أغلبية للشركاء في الشركة بافتتاح الإجراء، وكان مقدم الطلب لا يمثل الشركة المدعى عليها بمحض صفته شريكا؛ تأسيساً عليه فإنّ الدائرة تنتهي إلى عدم قبول الدعوى.)[10]

 ...

هل يحمي نظام الإفلاس من يحصل على تمويل بطريقة غير نظامية؟

(حيث إن دیونه ناشئة عن شراء إبل وسيارات وفلل سكنية من أفراد طبیعين بغرض - حسب دعواه - الحصول على تمويلات، وبما أنه وعلى افتراض أن غرضه من شراء الإبل والسيارات هو الحصول على تمويل، فإن الحصول على تمويل بهذه الكيفية يعد مخالفة نظامية، إذ إن التمويل محصور في الكيانات المرخص لها بالتمويل، ومن ثم فإن لجوء المدين إلى أفراد طبيعيين للحصول منهم على تمويل بصفته الشخصية ثم الاحتجاج عليهم بإفلاسه في تجارته غير سائغ، وما تقدم يعني عدم سريان نظام الإفلاس على المدين؛ لأن العبرة بالنشاط الذي نشأت عنه الديون، والديون ناشئة عن مخالفة المدين النظامية باللجوء إلى أشخاص غير مرخصين للحصول منهم على تمويل، وبما أن مما يهدف إليه نظام الإفلاس حماية المدين المفلس أو المتعثر حسن النية الذي يمارس أعمالا تجارية أو مهنية أو تهدف للربح، وبما أن المدين يعد مرتكبا لمخالفة نظامية يستحق العقوبة عليها بعد الثبوت، فلا يسوغ أن يكون مشمولأ بالحماية التي يوفرها نظام الإفلاس للمدين حسن النية)[11]

 ...

في إجراء التسوية الوقائية:

فهل يسوغ تقديم طلب تعليق المطالبات قبل الحكم بافتتاح إجراء التسوية الوقائية ؟

ورأيت من الفائدة ذكر كامل الطلب المقدم بنصه وكذلك كامل تسبيب الدائرة وقرارها على الطلب.

جاء الطلب بما نصه (في تاريخ: 28/11/1440هـ ، تقدم لهذه المحكمة وكيل الشركة المدعية بطلب عاجل تم قيده في سجلات المحكمة برقم: (74) جاء فيه: أنه إشارة إلى طلب افتتاح التسوية الوقائية المقيد لدى المحكمة بالطلب الإلكتروني رقم: (92611)، ومقترح التسوية المرفق برفق الطلب، وعملاً بالمادة (17) من نظام الإفلاس والتي نصت على أنه: " للمدين - عند طلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية - أن يطلب من المحكمة تعليق المطالبات، على أن يرفق بطلبه تقريراً معداً من أمين مدرج بقائمة أمناء الإفلاس يتضمن ترجيحه لقبول أغلبية الدائنين للمقترح وامكانية تنفيذه "، وحيث أصدر الأمين / (الاسم المحذوف)، تقريره بإمكانية قبول أغلبية دائني الشركة للمقترح وتنفيذه، وبما أن الشركة ساعية بجدة لتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية التي لحقت بالشركات التجارية ابتداءً من عام: (2015م) والاستمرار في النشاط التجاري، وبما أن هناك مطالبات عدة على الشركة تعيق من قيام مصرف (الاسم المحذوف) في تجديد اتفاقية التمويل المبرمة معه بسبب تسجيل واقعة التعثر لدى شركة سمة لصدور أوامر محكمة التنفيذ بإيقاف خدمات الشركة، وبما أن هذه الاتفاقية هي المنقذة للشركة في تجاوز أزمتها ومواصلة النشاط التجاري والقيام بالتزاماتها في مواجهة الجهات الحكومية، فإن موكلته تطلب إصدار قرار بتعليق المطالبات على الشركة لحين البت في طلب إجراء التسوية الوقائية وبقيد هذا الطلب في سجلات المحكمة، عقدت الدائرة لنظره جلسة هذا اليوم، والتي حضر فيها وكيلا الشركة المذكورة بياناتهما أعلاه، وقدم وكيل الشركة مذكرة أضاف فيها: أن موكلته حريصة على تسوية جميع مديونياتها خلال الأجل المحدد في المقترح، وفي قرار الدائرة بتعليق المطالبات تمكين لها من تجديد اتفاقية التمويل مع البنك (الاسم المحذوف)، ومن إخراج التأشيرات اللازمة من وزارة العمل بعد الظفر بمناقصتين حكوميتين خلال الأيام الماضية، ومن سداد الأجور المتأخرة للعمالة والموظفين بسبب إيقاف حسابات الشركة البنكية، وختم مذكرته بالتأكيد على طلب إصدار القرار بتعليق المطالبات.)

جاء تسبيب قرار الدائرة بما نصه ( بناءً على ما تقدم ذكره في وقائع هذا الطلب، وبما أن الشركة المدعية تهدف من إقامة طلبها إلى إصدار قرار عاجل بتعليق المطالبات تجاهها لحين الفصل في طلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية من الإفلاس، الأمر الذي يجعل الاختصاص النوعي بنظر الطلب الأصلي وهذا الطلب المتفرع عنه منعقداً للمحاكم والدوائر التجارية استناداً على ما نصت عليه الفقرة (هـ) من المادة الخامسة والثلاثين من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/1) وتاريخ: 22/1/1435هـ ، أما عن موضوع الطلب فإن الشركة تطلب تعليق المطالبات المقدمة تجاهها وفق الأسباب المذكورة في وقائع الطلب، لحين البت في طلب افتتاح إجراءات التسوية الوقائية من الإفلاس، عملا بمقتضى المادة السابعة عشر من نظام الإفلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/50)، وتاريخ:28/5/1439هـ ؛ وبما أن الفقرة الأولى من المادة الثامنة عشر من نظام الإفلاس رتبت على قرار تعليق المطالبات آجالا محددة، وجعلت احتساب هذه الآجال معلق بقرار افتتاح الإجراء، إذ نصت على أنه: " دون إخلال بأحكام الفصل الرابع عشر من النظام، للمحكمة تعليق المطالبات لمدة لا تزيد على (تسعين) يوماً من تاريخ افتتاح الإجراء، ولها تمديد هذه المدة لـ (ثلاثين) يوما لمرة أو أكثر بناء على طلب المدين، وفي جميع الأحوال يجب ألا تزيد مدة تعليق المطالبات على (مائة وثمانين) يوما "، وبما أن الدائرة لم تقرر موافقتها من عدمها على طلب افتتاح إجراءات التسوية الوقائية من الإفلاس المقدم من الشركة، وإنما حددت لنظر ذلك والفصل فيه جلسة بتاريخ: 27/12/1440هـ؛ الأمر الذي يتبين معه أن إصدار القرار بتعليق المطالبات سابق لأوانه الصحيح، ولا ينال من ذلك ما استند عليه مقدم الطلب والذي نصت عليه المادة السابعة عشر من ذات النظام، والتي جعلت للمدين المتقدم بطلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية الحق في أن يطلب من المحكمة تعليق المطالبات، إذ المفهوم من نص المادة أن طلب تعليق المطالبات طلب إضافي على طلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية، لا طلب مستقل عنه وسابق له، كما أن ما نصت عليه المادة الثامنة عشر قيد الموافقة على تعليق المطالبات بالموافقة على افتتاح الإجراء، ويضاف إلى ما سبق أن المنظم جعل إصدار قرار تعليق المطالبات تجاه الشركة المدينة أمر جوازي للمحكمة، إذ جاء نص المنظم في المادة الثامنة عشر على أنه: (للمحكمة تعليق المطالبات)، ولا يوقع هذا التعليق إلا بعد استيفاء الشرط الوارد ذكره بعد ذلك، مما تنتهي معه الدائرة إلى منطوق قرارها المدون أدناه وبه تقضي.

عدم قبول الطلب العاجل المقدم من المدعية برقم: (74) وتاريخ:28/11/1440هـ ، لما هو مبين بالأسباب.)[12]

 ...

الاختصاص المكاني في طلبات افتتاح الإجراء يكون للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان إقامة المدين:

(وبعد الاطلاع على أوراق القضية ومستنداتها، وفيما يتعلق بالاختصاص المكاني لنظر الدعوى، وحيث إن الثابت من خلال الاطلاع على صحيفة بيانات الدعوى المقدمة والأوراق الملحقة بها تبين أن مقر سكنى مقدم الطلب في مدينة الرياض, وحيث نصت الفقرة الأولى من المادة السادسة والثلاثين من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/1/1435 هـ) على أن: (يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان إقامة المدعى عليه، فإن لم يكن له مكان إقامة في المملكة فيكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان إقامة المدعي)، وعليه فإن الدائرة تنتهي إلى عدم اختصاصها بنظر هذه الدعوی مکانیاً.

منطوق الحكم

حكمت الدائرة: بعدم اختصاص المحكمة التجارية بالدمام مكانياً بنظر الدعوى)[13]

 ...

تقديم طلب سبق الفصل فيه قد يعتبر إساءة استغلال للإجراء:

(لما كان المدين سبق وأن قدم طلباً مماثلاً لهذا الطلب، وحيث سبق أن حكمت الدائرة في طلبه ذلك بعدم قبول افتتاح الإجراء لكون نظام الإفلاس لا يشمله، للأسباب الواردة في ذلك الحكم؛ فإن الدائرة تقضي بعدم قبول هذا الطلب لسبق الفصل فيه. وتشير الدائرة إلى أن تقدم المدين بطلب سبق الفصل فيه، قد يعد إساءة استغلال للإجراء يعرض مقدمه للعقوبات الواردة في نظام الإفلاس.)[14]

هذا بالتأكيد إذا كان مناط الحكم قد بني على عدم دخول مقدم الطلب في نطاق نظام الإفلاس أما إذا كان رفض الطلب لعدم استكمال المتطلبات النظامية للطلب فبإمكان المدين التقدم لأكثر من مرة في حال استكمل النواقص.

...

انتهى

والحمد لله رب العالمين



[1] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص5

[2] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 8، 9.

[3] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 109

[4] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص6 ، ص7

[5] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 19

[6] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 20.

[7] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 85

[8] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 24

[9] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 38

[10] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 83

[11] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 240، 241.

[12] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 451، 452 ، 453.

[13] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 505، 506.

[14] أحكام الإفلاس لعام 1440 هـ، المنشورة في موقع وزارة العدل في المملكة العربية السعودية، ص 715.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

منصة محاكمة