القائمة الرئيسية

الصفحات

مقتطفات من كتاب صنوان القضاء وعنوان الإفتاء

مقتطفات من كتاب

صنوان القضاء وعنوان الإفتاء

تأليف

القاضي عماد الدين محمد بن محمد

ابن إسماعيل بن محمد الخطيب الأشفورقاني

(المتوفي 646هـ)




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..

فهذه مقتطفات من كتاب صنوان القضاء وعنوان الإفتاء وهو كتاب في فقه القضاء على المذهب الحنفي والذي قام بتأليفه القاضي عماد الدين محمد بن محمد ابن إسماعيل بن محمد الخطيب الأشفورقاني وقام بتحقيقه ودراسته القاضي مجاهد الإسلام القاسمي أمين عام مجمع الفقه الإسلامي في الهند.

ويقع هذا الكتاب القيم في أربعة مجلدات ثرية بالمعلومات والمسائل الفقهية وحرصاً على إفادة المهتمين بالجانب القضائي قررت جمع مقتطفات من هذا الكتاب ونقلها.

 

مقتطف من سيرة المؤلف بقلم المحقق

(و المصنف الذي نصب رئيس هيئة القضاة في دلهي عاصمة الحكومة الهندية سنة 639 هـ في عهد الملك علاء الدين مسعود شاه بن ركن الدين فيروز شاه بن شمس الدين ألتمش.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 6)

 

تعليق المحقق عند ذكر كتب المذاهب التي اعتنت بفقه القضاء

(رابعًا :كتب أدب القضاء على مذهب الإمام أحمد بن حنبل:

لم أعثر على كتاب خاص للفقهاء الحنابلة حول هذا الموضوع ولكن يجدر بنا أن نذكر في هذا الصدد كتاب "الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لمؤلفه الشهير العلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المعروف بـ "ابن القيم" و " إعلام الموقعين" للمؤلف نفسه.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 24 - 25)

 

جزء من ترجمة المؤلف

(ترجم للمصنف رحمه الله صاحب نزهة الخواطر العلامة الحكيم عبد الحي رحمة الله في الجزء الأول منه، وهو مايلى:

" الشيخ العالم الفقيه القاضي عماد الدين محمد الأشقورقاني أحد الفقهاء المشهورين في الهند ولي قضاء الممالك بحضرة دهلي في رابع ذي الحجة سنة تسع و ثلاثين و ستمائة في أيام مسعود شاه فاستقل به زماناً.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 35)

(وفاته:

يذكر صاحب نزهة الخواطر أن المصنف بعد عزله عن المنصب أخرج إلى بدايون ثم قتل بأمر عماد الدين ريحان الحاجب يوم الإثنين ثاني عشر من ذي الحجة سنة ست وأربعين و ستمائة هجرية، وذكر ذلك صاحب "طبقات ناصرى" أيضًا، وذكر " فرشته " أيضاً في تاريخه أن المصنف استشهد بأمر من عماد الدين ريحان، ولانجد أي تفصيل سوى ذلك عن وفاته.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 43 - 44)

 

دفع الخصوم للصلح من قبل المحكمة عن طريق الإحالة إلى قسم الصلح قبل رفع القضية للدائرة القضائية له أصل عند الفقهاء. يقول القاضي عماد الدين: (ينبغي للقاضي أن لا يستعجل في قطع الخصومة و يدافعهم قليلًا لعلهم يصطلحون.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 170)

 

يبدوا أن وجود الشرطي عند القاضي ليس شيئًا جديدًا يقول القاضي عماد الدين (وذكر الصدر الشهيد رحمه الله أن داود بن الرشد قال رأيت على رأس شريح شرطياً وبيده سوط يمنع الناس من إساءة الأدب. وأراد بالشرطي صاحب المجلس، وبه نقول ينبغي أن يقوم على رأسه الجلواز، والجلواز من يمنع الناس من إساءة الأدب والتقدم إلى القاضي)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 173)

 

 

حجية الإقرار القضائي:

يقول القاضي عماد الدين (وذكر في الفتاوى الكبرى: قاضيان التقيا فقال أحدهما للآخر: إن فلانًا أقرّ لفلان بكذا، إن كان كل واحد منهما زمن الإخبار في مكان هو قاض فيه يقضى به.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 192)

 

 

إيقاف خدمات الممتنع عن الحضور لمجلس القضاء : يقول القاضي عماد الدين (ولو أنّ رجلاً أتی القاضي وقال: إن لي على فلان حقاً، وهو في منزله قد توارى عنّي وليس يحضر معي فيسأل الطالب من القاضي الختم والتسمير على بابه، يكلّفه القاضي إقامة البيّنة على أنّه في منزله، فإذا أحضر شاهدين وقالا: إنّه في منزله فيسألهما القاضي من أين علمتما ذلك ، لأنّ هذه شهادة متضمّنة للعقوبة وهو الختم على بابه فيحتاط القاضي بالسؤال ، فإن قالا: رأيناه اليوم أو أمس أو منذ ثلاثة أيام فإنّه يقبل ذلك ويأمر بالختم ، وإن تقادمت الرؤية لا يقبل والصحيح أنه مفوّض إلى رأي القاضي ، هكذا ذكره الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله.

ثم كما يسمّر الباب الذي من جانب السكّة يسمّر الباب الذي من جانب السطح لأنّ المقصود جعل الدار سجناً عليه حتى يظهر.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 210)

 

 

 هنا مسألة جميلة وهي راقية جداً وهي أن القاضي في حال امتنع الخصم عن الحضور يعين له محاميًا للدفاع عنه في حال غيبته. يقول رحمه الله (فإن قال الطالب بعد ما ختم الباب ومضى أیّام: إنه جلس في داره و لم يحضر فانصب له وكيلاً حتى أُقيّم البيّنة عليه قال أبو يوسف رحمه الله: يبعث القاضي رسولاً مع الشاهدين ليشهدا بما جرى عند القاضي، فینادي الرسول على بابه ثلاثة أيّام كل يوم ثلاث مرات وقت جلوس القاضي أو قريباً منه، یا فلان بن فلان إن القاضي يقول لك: احضر مع خصمك فلان بن فلان مجلس الحكم وإلا نصبنا لك وكيلاً وقبلنا البينة عليك، فإن لم يحضر نصب له وكيلاً ، لأنه حينئذٍ يكون إذناً للقاضي بالتوكيل دلالة)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 210 - 211)

 

مسألة التضييق على المنفذ ضده ولو تضرر وذكر الفقهاء هنا حكمة أن المنفذ ضده لو لم يضيق عليه لما سدد. يقول رحمه الله (وذكر في الحاوى: سئل الشيخ الإمام الفقيه أبو بكر الإسكاف رحمه الله عمّن وجب له دين على آخر فسعى به إلى السلطان فختم السلطان على أبوابه من غير أن يجد من المديون تواريًا هل له ذلك؟ من العلماء من قال: "له ذلك" وإن تعطّلت مستغلاّته ومياهه في ضياعه حتى يضيق الأمر عليه، فقيل أيفتي الشيخ بهذا؟ قال نعم، لو كان لا تعطّل غلاته لا يقوم بقضاء حقّ صاحب الحقّ.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 213 - 214)

 

ذكر رحمه الله مسألة راقية وهي في حال أمرت السلطة القضائية بتفتيش منزل المطلوب أن يدخل النساء أولًا مراعاة لحرم المطلوب وأن النساء يفتشن من قبل النساء يقول رحمه الله (وقال بعض مشايخنا رحمهم الله: يبعث القاضي معه أمينين ومعهما أعوانه من الرجال والنساء ، فيهجمون عليه بغتة فيقوم أعوان القاضي حول البيت من جانب السكة ومن جانب السطح حتى لا يمكنه الهرب ، فيدخل النساء أولاً ويأمرن حرم المطلوب حتّى يدخلن في زاوية ، ثمّ يدخل الأعوان فيفتّشون الدار غرفها وما تحت السرير والسرداب ، وتفتش النساءُ النساءَ، وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله أنه كان يفعله وقت قضائه.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 215)

 

مسألة الحبس في الدين:

يقول رحمه الله (قال محمد رحمه الله في كتاب الحوالة ويحبس في الديون كلها، كائناً من كان، من أخ أو عمٌ أو خال أو زوج أو زوجة أو رجل أو امرأة مسلماً كان أو ذمياً أو حربياً مستأمناً ، أو صحيحاً أو زمناً أو مقعداً أو أشلّ أو أقطع اليدين، لأنّ الدين يجب على هؤلاء، وهذه العوارض لا تسقط المطالبة.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 217 - 218)

 

هل الأصل في الناس الغنى أم الفقر؟

يقول رحمه الله (الناس كلهم فقراء ما لم يظهر الغنّى.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 221)

 

ويقول ) وإن طلب المديون من القاضي أن يسأل المدّعي عن يساره وإعساره يسأله بالإجماع فإن سأل المديون من القاضي أن يسأل القاضي من الدائن وزعم الدائن أنه موسر وزعم المديون أنّه معسر قال الخصّاف رحمه الله: القول قول المديون ، لأنّ العسرة أصل في بني آدم والمديون متسّمك بالأصل.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 222)

 

مسألة الأخذ بظاهر حال المدين:

يقول رحمه الله (وقال بعضهم: يحكم فيه بالزيّ ، إن كان عليه زيّ الفقراء کان القول قول المديون ، وإن كان عليه زيّ الأغنياء كان القول قول الدائن إلاّ في حقّ العلويّة والفقهاء، ونسب الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هذا القول إلى الفقيه أبي جعفر رحمه الله.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 224)

 

 

لا تُسمَع البينة على الإفلاس إلا بعد الحبس :

 يقول (أن البينة على الإفلاس مقبولة بالإجماع ، وإنّما اختلفوا في أنّ القاضي هل يقضي بالإفلاس أم لا ؟ قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يقضي ، وقال أبو يوسف و محمّد رحمهما الله يقضي.

ولكن إنّما يقبل البينة على الإفلاس بعد ما مضى مدة على حبسه ، حتى أنّ المطلوب إذا أقرّ بالدين ولكن يزعم أنّه مفلس لا يسمع القاضي بيّنته، لأنّ وقت إقامة البيّنة على الإفلاس في أصح الروايتين بعد الحبس.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 225)

 

 

كم مدة الحبس التي تُسمَع بعده البينة على الإفلاس؟

 يقول (ثمّ اختلفت الروايات في تقدير تلك المدّة ، عن محمّد رحمه الله أنه قدّرها بشهرين أو ثلاثة، وعنه أيضاً أنّه قدّرها بأربعة أشهر وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه قدّرها بستة أشهر برواية الحسن عنه و برواية الطحاوي عنه أنه قدّرها بشهر ، وكثير من مشائخنا رحمهم الله أخذوا برواية الطحاوي)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 226)

 

 

بعض حقوق السجين :

يقول (ولو احتاج إلى المباشرة لا بأس بأن تدخل زوجته وجاريته السجن فيطؤها بحيث لا يطلّع عليه أحد، لأنّ قضاء شهوة الفرج من أصول الحوائج فلا يمنع عنه الأكل والشرب.) ويقول (ولا يمنع من دخول الزوار عليه من أهله وجيرانه ولا يمنع من البيع والشراء لما فيهما من سرعة قضاء الدين.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 233)

 ويقول (ولو حبس بدين وله على الناس ديون يخرجه القاضي حتى يدّعي عليهم، لأنه ربما سببًا لقضاء دينه، فإن لم يحصل له منهم شيء يحبسه ثانيًا)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 1 / ص 235)

         

موقف القاضي من الشهود ومسألة التفريق بينهم

يقول رحمه الله ( ينبغي للقاضي أن لا يعنّف الشهود، لأنا أمرنا بإكرام الشهود والتعنيف يؤديّ إلى الإهانة. وللقاضي أن يقدّم الشهود معاً أو واحداً يعد واحد فإنّ قوله تعالى : { فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى } يدل أنه لا يفرّق وإن اتّهم الشهود، فله أن يفرّق بينهم، ويسألهم أين كان هذا؟ ومتى كان هذا؟ وكيف كان هذا؟ صيانةً لقضائه عن الخطأ.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 2 / ص 96)

 

مسألة تزكية الشهود :

يقول ( ثم قال: لا ينبغي للقاضي أن يسأل عن حال الشهود عند أبي حنيفة رحمه الله ما لم يطعن الخصم، لأن البناء على الظاهر واجب ما لم يعارضه دليل آخر، فإذا طعن الخصم فحينئذٍ يسأل، لأنه جاء المعارض، وهو عقل الطاعن ودينه، لأنه دليل على صدق خبره في الطعن، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: يسأل وإن لم يطعن الخصم، إذ ليس كل خصم يبصر حجّته، كما في الحدود والقصاص. )

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 2 / ص 98)

 

 

مسألة شهادة النساء وحدهن يقول رحمه الله (وذكر في أدب القاضي أن شهادة النساء وحدهن فيما لا يحل للرجال النظر إليه كالولادة والعيب الذي يكون في موضع لا ينظر إليه، جائزة.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 2 / ص 232)

 

بيان ما يصنع بشاهد الزور

(وأما ما يصنع بشاهد الزور قال أبو حنيفة رحمه الله: إن شاهد الزور لا يعززّ بل يشهرّ.

والتشهير أن يبعثه القاضي إلى السوق إن كان سوقياً وإلى محلته إن لم يكن، ويقال لهم إن القاضي يقول : " إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروا وحذرّوا الناس عنه".)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 2 / ص 373)

 

 [ما يتعلق بالتعزيز من أحكام]

( والتعزيز قد يكون بالحبس وقد يكون بالصفع وتحريك الأذن، وقد يكون بالكلام العنيف، وقد يكون بالضرب الشديد. وعن ابي يوسف رحمه الله أن التعزيز من السلطان بأخذ المال جائز. ولا خلاف بين العلماء أنه لا يبلغ به الحد.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 2 / ص 374)

 

اشتراط إذن ولي الأمر للإحياء ليصح امتلاك الأرض بعد احيائها.

( (اشتراط إذن الإمام للإحياء) ومن أحيا أرضاً ميتة بغير إذن الإمام لا يملكها عند أبي حنيفة رحمه الله، ويملكها عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، وذكر الناطفی رحمه الله: "القاضي في ولايته بمنزلة الإمام في ذلك" )

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 6)

تكلم رحمه الله عن الركاز وما يجب فيه (قال: وجد ركازاً في أرض غير مملوكة نحو المفازة والجبال، فإن كان فيه علامات الإسلام کالمصحف والدراهم المكتوبة فيها كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة، وحكم اللقطة يعرف بعد هذا إن شاء الله تعالى، وإن كان فيه علامات الشرك نحو الصنم والصليب وما أشبههما ففيه الخمس، وأربعة أخماسه للواجد، فيستوي أن يكون الواجد صغيراً أو كبيراً، حراً أو عبداً، مسلماً أو ذمياً؛ لأن استحقاق هذا المال بمنزلة استحقاق الغنيمة ولجميع من سمّينا حق في الغنيمة فيكون لهم حق في المال)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 155)

(قال: ولو أن مسلماً، أو عبداً، أو مکاتباً، أو ذميّاً، أو صبيّاً طلب الكنوز أو المعادن بإذن الإمام، فأذن له في ذلك على أن له النصف وللمسلمين النصف، فأصاب کنزاً، أو أموالاً من المعادن، فإن الإمام يأخذ منه الخمس، وما بقي لمن أصابه؛ لأن المسلم ما يستحق من الركاز والمعادن يستحقه بالإصابة، لا بالشرط، ألا ترى! أنه لو أصابه بغير إذن الإمام كان له ذلك، وإذا لم يكن الاستحقاق بالشرط لا يعتبر شرط الإسلام، لأنه شرط لا يقتضيه شرعاً، فإن القياس يقتضي أن يكون الكل للواجد، إلا أنّا أوجبنا الخمس بالشرع، وما زاد على ذلك لا شرع فيه، فهو باقٍ على أصل القياس بخلاف الحربيّ المستأمن؛ لأن استحقاقه بشرط شرطه الإمام، فلا يستحق أكثر من المشروط.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 160 - 161)

 

 

إذا استبان للقاضي فصل القضاء فهل يردهم للصلح؟

(قال في المبسوط: وينبغي للقاضي أن يردّ الخصوم إلى الصلح ما لم يستبن فصل القضاء، وإذا استبان له فصل القضاء ذكر الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: ينبغي له أن يقضي، ولا يردّهم إلى الصلح. وذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله في شرحه: أنه إذا طمع القاضي في صلح المتخاصمين حال استبانة وجه القضاء، ردهم إلى الصلح، ولا يقضي ما لم ييأس عن الصلح، وذكر في آخر أدب القاضي: وإذا طمع القاضي باصطلاح الخصمين فلا بأس بأن يردهم ولا ينفذ الحكم عليهم، وإن أنقذ القضاء من غير أن يردهم فهو في سعة منه، وإن طمع في الصلح).

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 187)

 

استجواب القاضي للشهود

يقول رحمه الله (وذكر في المبسوط: وإذا ارتاب القاضي في أمر الشهود فرّق بينهم، ولا يسعه غير ذلك. وينبغي أن يسألهم أين كان هذا؟ ومن كان هذا؟ وفي أي زمان كان هذا؟ ويكون هذا السؤال بطريق الاحتياط، وإن كان لا يجب بيان هذا على الشهود، فإذا فرّقهم، واختلفوا في ذلك اختلافاً يفسد الشهادة، ردّها، وإن كان لا يفسدها لا يُردّها.)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 188)

مسألة أصولية

(وما اختلف فيه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فالحق لا يعدو أقاويلهم، حي لا يتمكن أحد أن يقول بالرأي قولاً خارجاً عن أقاويلهم ).

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 243)

 

 

ذكر رحمه الله مسألة التحكيم في قضايا الأحوال الشخصية

(قال: رجل حلف بطلاق امرأة أن يتزوجها، فتزوّجها، وحكّما رجلاً ليحكم بينهما بالطلاق المضاف فحكم ببطلان اليمين، اختلف المشائخ فيه، ذكر في الجامع الأصغر: أنه لا ينفذ حُكم الحكم في فيما بين المتحاكمين في المجتهدات بمنزلة حكم القاضي المولّى حتى لا يكون لأحدهما أن يرجع عن حكمه، وذكر الخصاف رحمه الله في أدب القاضي : أن حكم الحكم في المجتهدات جائز إلا في الحدود والقصاص.

وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في صلح المبسوط: أن حكم الحكم في المجتهدات: نحو الكنايات والطلاق المضاف جائز في ظاهر المذهب عن أصحابنا رحمهم الله، وقال شمس الأئمة رحمه الله: هذا مما يعلم ولا يفيّ به كيلا يتجاسر الجهال إلى مثل هذا.

قال رحمه الله: وكان القاضي الإمام الأجل الأستاذ أبو على النسفي رحمه الله يقول: هذا مما يكتم ولا يفتى به )

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 275 - 276)

 

مسألة إبطال حكم المحكم من قبل القاضي : (وما نقل عنهم بناءً على أن حُكم الحَكم في المجتهدات بمنزلة حكم القاضي المولّى إلا أن الفرق بين حكم القاضي وحُكم الحَكَم: أن في المجتهدات إذا رفع إلى قاضٍ إن كان موافقاً لرأيه أمضاه وإن كان مخالفاً أبطله، وليس للقاضي أن يبطل حكم غيره من القضاة في المجتهدات.

قال ابن أبي ليلى رحمه الله: ليس للقاضي أن يبطل حکم الحَكم وإن كان مخالفاً لرأيه إذا لم يكن حكم الحَكم مخالفاً لنص الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة، وهو بمنزلة حكم القاضي المولّى، ولهذا لو حکم محكّم، ثم أراد أن يرجع عن حكمه لا يصح رجوعه كما لا يصح رجوع القاضي عن حكمه في موضع الاجتهاد، والصحيح ما قال أصحابنا؛ لأن الحَكَم استفاد الولاية بتحكيمهما، ولهما ولاية على أنفسهما، لا على غيرهما، فكان حُکم الحَكَم في حق غيرهما بمنزلة الصلح، ولو اصطلح الخصمان على شيء و كان ذلك مخالفاً لرأي القاضي كان له أن يبطله، أما إذا كان حكم الحَكَم موافقاً لرأي القاضي لا يبطله؛ لأنه لو أبطله يحتاج إلى الإعادة فلا يفيد)

( صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 3 / ص 277)

( أما بيان جواز التحكيم : اعلم بأن التحكيم جائز بالكتاب والسنة والأثر وإجماع الأمة وضرب من المعقول، أما الكتاب : قوله تعالى :{ فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}، وأما السنة: ما روي: أن رسول الله عليه السلام أنزل بني قريظة على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، وأما الأثر فالتحكيم بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما مشهور وما جرى بين الحكمين معروف، وأما إجماع الأمة فالأمة أجمعت على جواز التحكيم والتحكيم نوع اصطلاح، والصلح جائز بالكتاب والسنة فكذا التحكيم.)

(صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 4 / ص 3 - 5)

ثم ذكر رحمه الله مسائل في التحكيم

( [التحكيم في الحدود]

قال: ولا يجوز التحكيم في شيء من االحدود، لا في زنا، ولا في شرب خمر، ولا في سرقة، ولا لعان، ولا قذف، فإن فعل ذلك فهو باطل؛ لأنهما لا يملكان إقامة ذلك بأنفسهما، فلا يملكان التفويض بالتحكيم إلى الغير، ويجوز التحكيم في تضمين السرقة؛ لأنه خالص حق المسروق منه، وله ولاية الاستيفاء)

(صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 4 / ص 21)

 

([التحكيم في الحدود]

قال: ويجوز حُكم الحاكم بالطلاق والعتاق والنكاح والكتابة والكفالة بالنفس والمال والشفعة والنفقة والديون والقروض والتبرع والقصاص وأروش الجنايات وقطع اليد ودم العمد وسائر حقوق العباد إذا وافق رأي القاضي، أما الطلاق والعتاق وسائر الحقوق المالية فلا شك في جواز التحكيم فيها؛ لأن حُكم الحاكم صلح من وجهٍ، وقضاء من وجه، وبأيهما اعتبرنا جاز في هذا كله.

واما القصاص فإنه يشير إلى جواز التحكيم فيه في صلح الأصل، وروي عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يجوز حُكمُ الحكم فيه، وهكذا ذكر الخصاف رحمه الله في أدب القاضي؛ لأن حُكمُ الحكم صلح من وجه، واستيفاء القصاص بالصلح لا يجوز، ولأنه ليس بحجة في حق غير المحكمّين، فأورث شبهةً، وأنه يندريء بالشبهات، ألا ترى! أن التوكيل به لا يجوز، ولا يجوز استيفاء القصاص للوكيل حال غيبة الموكّل.

وجه ما ذكر في ظاهر الرواية: أن القصاص من حقوق العباد، وصحة التحكيم بناءً على ولاية المحكمين، وولايتهما على أنفسهما أظهر من ولاية القاضي بتقليد الإمام.)

(صنوان القضاء وعنوان الإفتاء : 4 / ص: 22، 23)

 

مسألة الإقرار بالعقد ثم ادعاء القضاء أو الإبراء

( ولو كان المدعى عليه أقرّ بدعوى المدعي إلا أنه ادّعى القضاء أو الإبراء في دعوى الدين والكفالة، أو ادعى فسخ الإجارة أو إقالة في البيع، أو الفيء في الإيلاء، فالطالب في الدعوى الأول هو المدعى عليه في هذا الدعوى، والمدعى عليه في الدعوى الأول هو المدعي في هذا الدعوى على العبارات كلها).

(صنوان القضاء وعنوان الإفتاء 4 / ص: 281)

 

انتهى

والحمد لله رب العالمين

 

 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

منصة محاكمة